الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

الحب في الله

قال الله سبحانه وتعالى:
[إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ] {الحجرات:10}.

ويقول عز وجل:
[وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانً]

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ

وروى الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ
فَلْيُعْلِمْهُ إِيَّاهُ رواه الترمذي وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
.
وعن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ مَرَّ رَجُلٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ هَذَا الرَّجُلَ ، قَالَ : هَلْ أَعْلَمْتَهُ ذَلِكَ ، قَالَ : لا فَقَالَ قُمْ فَأَعْلِمْهُ ، قَالَ فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ : يَا هَذَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللَّهِ ، قَالَ : أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ *رواه الإمام أحمد وأبو داود وهو حديث صحيح .

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من عباد الله لأناسا ما هم أنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء و الشهداء بمكانتهم من الله .فقالوا:يا رسول الله تخبرنا من هم ؟ قال: قوم تحابوا بينهم على غير أرحام بينهم ،ولا أموال يتعاطونها ، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنوا إذا حزنوا، ثم قرأ : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون).

وعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ) .

قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله - :
الخصلة الثانية : أن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، والحب في الله من أصول الإيمان ، وأعلى درجاته ، ... وإنما كانت هذه الخصلة تالية لما قبلها ؛ لأن مَن كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما : فقد صار حبُّه كله له ، ويلزم من ذلك أن يكون بغضه لله ، وموالاته له ، ومعاداته له ، وأن لا تبقى له بقية من نفسه وهواه ، وذلك يستلزم محبة ما يحبه الله من الأقوال ، والأعمال ، وكراهة ما يكرهه من ذلك ، وكذلك من الأشخاص .
" فتح الباري " لابن رجب ( 1 / 49 – 51 ) باختصار .

ومن السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله " رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه" .)

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : قال الله عز وجل : ( المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء ) .


من صور الحب في الله

يوم فتح مكة أسلم أبو قحافة (أبو سيدنا أبي بكر)، و كان إسلامه متأخراً
جداً و كان قد عمي، فأخذه سيدنا أبو بكر و ذهب به إلى النبي صلى الله
عليه و سلم ليعلن إسلامه و يبايع النبي صلى الله عليه و سلم، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم! يا أبا بكر هلا تركت الشيخ في بيته، فذهبنا نحن
إليه! فقال أبو بكر: لأنت أحق أن يؤتى إليك يا رسول الله.. و أسلم أبو
قحافة.. فبكى سيدنا أبو بكر الصديق، فقالوا له: هذا يوم فرحة، فأبوك
أسلم و نجا من النار فما الذي يبكيك؟.. تخيّل ماذا قال أبو بكر؟ قال: لأني
كنت أحب أن الذي يبايع النبي الآن ليس أبي و لكن أبو طالب، لأن ذلك
كان سيسعد النبي أكثر..


يقول سيدنا أبو بكر: كنا في الهجرة وأنا عطشان جداً، فجئت بمذقة لبن فناولتها للرسول صلى الله عليه وسلم،
وقلت له: اشرب يا رسول الله،
يقول أبو بكر: فشرب النبي صلى الله عليه وسلم حتى ارتويت !!


غاب النبي صلى الله عليه و سلم طوال اليوم عن سيدنا ثوبان خادمه و حينما جاء قال له ثوبان: أوحشتني يا رسول الله و بكى، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أهذا يبكيك؟!! قال ثوبان: لا يا رسول الله و لكن تذكرت مكانك في الجنة و مكاني فذكرت الوحشة فنزل قول الله تعالى:
( و َمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ
وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)
(الآية 69) سورة النساء


كان سواد بن عزيّة يوم غزوة أحد واقف في وسط الجيش فقال النبي صلى
الله عليه و سلم للجيش: استووا.. استقيموا.. فينظر النبي فيرى سوادا
لم ينضبط فقال النبي صلى الله عليه وسلم: استو يا سواد، فقال سواد:
نعم يا رسول الله و وقف و لكنه لم ينضبط، فجاء النبي صلى الله عليه
و سلم بسواكه و نغز سوادا في بطنه قال: استو يا سواد، فقال سواد:
أوجعتني يا رسول الله، و قد بعثك الله بالحق فأقدني، فكشف النبي عن
بطنه الشريفة و قال: اقتص يا سواد. فانكب سواد على بطن النبي
يقبلها يقول: هذا ما أردت و قال: يا رسول الله أظن أن هذا اليوم يوم شهادة فأحببت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك


كان عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- يذكر
الرجل من إخوانه في بعض الليل، فيقول: يا طولها من ليلة، فإذاصلى المكتوبة غدا إليه، فإذا التقيا عانقه -

قال عبد الله بن مسعود لقد أحببت عمر حبا حتى لقد خفت الله من شدة حب عمر خفت الله ولو أني أعلم أن كلبا يحبه عمر لأحببته ولوددت أني كنت خادما لعمر حتى أموت ولقد وجد فقده كل شيء حتى العضاة -شجرة الشوك- إن إسلامه كان فتحا وإن هجرته كانت نصرا وإن سلطانه كان رحمة

آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان، وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة- أي رثة الهيئة والثياب وكان ذلك قبل فرض الحجاب، فقال لها:

ما شأنك؟

قالت: أخوك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا.

فأبو الدرداء صوام للنهار، قوام في الليل.

فلما سمع سيدنا سلمان ذلك الكلام قرر أن ينصح أخاه ويعلمه.

فيقول الراوي وهب بن عبد الله رضي الله عنه يقول:

وجاء له أبو الدرداء، فصنع له طعاما، فقال له سلمان:

كل.

قال: فإني صائم.

فقال سلمان:

ما أنا بآكل حتى تأكل.

فقطع صيامه وأكل، وهذا الصيام صيام تطوع، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم الليل من أول الليل، فقال سلمان:

نم.

فنام، وأبو الدرداء لا يستطيع النوم؛ لأنه قد تعود على القيام

[تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ] {السجدة:16}.
ثم ذهب ليقوم، فأمره سلمان بالنوم، فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن.
فصليا، فقال له سلمان بعد ما صلى ينصحه ويعلمه درس في منتهى الرقي فيقول له:
إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا- وفي رواية الترمذي: وإن لضيفك عليك حقا- ثم قال: فأعط كل ذي حق حقه.
ولم يقتنع أبو الدرداء، فذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يشكو سلمان، وذكر له كل هذه القصة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صَدَقَ سَلْمَانُ، صَدَقَ سَلْمَانُ.

وعن كعب بن مالك رضي الله عنه وأرضاه، وكعب بن مالك من الثلاثة المخلفين في غزوة تبوك، وهو نفسه كان يحكي هذه القصة في صحيح البخاري، فيقول رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اكتشف غيابه في الغزوة، قال: مَا فَعَلَ كَعْبٌ. يطمئن على أصحابه,

فقال رجل من بني سَلِمة: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم حبسه برداه- يعني ثيابه، أي حبسته ثيابه- ونظره في عطفه.أي حسن وبهاء الثوب الذي عليه، أي شغلته الدنيا عن القدوم إلى الغزوة، قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: بئس ما قلت، والله يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما علمنا عليه إلا خيرا.

قال معاوية ابن أبى سفيان لضرار بن حمزة : صف لي علياً فقال : أو تعفيني : قال: بل تصفه. فقال :أو تعفيني . قال : لا أعفيك قال: أما إن لابد فإنه كان بعيد المدى شديد القوى يقول فصلاً ، ويحكم عدلاً ، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير الدمعة، طويل الفكرة ، يقلب كفه ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب، كان والله كأحدنا؛ يجيبنا إذا سألناه، ويأتينا إذا دعوناه، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة له ، ولا نبتديه تعظيماً له ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤة المنظوم، يعظم أهل الدين ويحب المساكين، لا يطمع القوى في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد بالله لرأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه، وقد مثل في محرابه قابضاً على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ، وكأني أسمعه وهو يقول : يا دنيا ألي تعرضت أم لي تشوفت؟ هيهات غري غيري ، قد بتتك ثلاثاً فلا رجعة لي فيك ، فعمرك قصير ، وعيشك حقير، وخطرك كبير ، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق.

قال : فذرفت دموع معاوية فما يملكها وهو ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء ثم قال معاوية: رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك ، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال : حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترفأ عبرتها ولا يسكن حزنها

كان الشافعي يقول:
أُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلَسْتُ مِنْهُمْ لَعَلِّي أَنْ أَنَالَ بِهِمْ شَفَاعَه

وَأَكَرَهْ مَنْ تِجَارَتُهُ الْمَعَاصِي وَإِنْ كُنَّا سَوَاءً فِي الْبِضَاعَه

فرد عليهأحمد بن حنبل رحمه الله تلميذ الشافعي بهذين البيتين فقال له:
تُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ وَمِنْكُمْ سَوْفَ يَلْقَوْنَ الشَّفَاعَه

وَتَكْرَهُ مَنْ تِجَارَتُهُ الْمَعَاصِي وَقَاكَ اللَّهُ مِنْ شَرِّ الْبِضَاعَه

يقول الشافعي :
اذا المرء لا يرعاك الا تكلفا......فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس ابدال وفي الترك راحة.....وفي القلب حب للحبيب ولو جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه......ولا كل من صافيته لك قد صفا
اذا لم يكن صفو الوداد طبيعة.....فلا خير في ود يجيئ تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله.....ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده........ويظهر سرا كان بالامس قد خفا
سلام على الدنيااذا لم يكن بها....صديق صدوق صادق الوعد منصفا

قيل لخالد بن صفوان:
أي إخوانك أحبُّ إليك؟
قال: الذي يغفر زللي، ويقبلُ عِللي، ويسدُّ خللي


صحب رجلٌ أبا إسحاق إبراهيم بن أدهم. فلمَّا أراد أن يفارقه؛ قال له:
لو نبَّهتني على ما فيَّ من العَيْبِ.
فقال له: يا أخي لم أر لك عيباً؛ لأني لحظتك بعين الولاء، فاستحسنت منك ما رأيت، فاسأل غيري عن عيْبك.
وفي ذلك أنشدوا:
وعَيْنُ الرِّضا عن كلِّ عيبٍ كَليلةٌ *** كما أَنَّ عَيْنَ السُّخطِ تُبدي المساويا


كان الإمام الشافعي –رضي الله عنه- يزور تلميذه الإمام أحمد بن حنبل كثيرا، ويزوره الآخر كثيرا. فقيل للشافعيِّ في ذلك، فأنشد –رحمه الله-:
قـالوا يزورك أحمد وتزوره *** قلت الفضائل لا تغـادر منزله
إن زارني فبفضله، أو زرته *** فلفضله، والفضل في الحالين له
فأجابه الإمام أحمد –رحمه الله-:
إن زرتنا فبفضـل فيكَ تمنحنا *** أو نحن زرنا فللفضل الذي فيكا
فلا عدمنا كلا الحالين منك ولا *** نـال الذي يتمنى فيذك شـانيكا

قال يحيى بن معاذ:
بئس الصديق صديق تحتاج أن تقول له: اذكرني في دعائك، وأن تعيش معه بالمداراة أو تحتاج أن تعتذر إليه.

قال ابن الجوزي – رحمه الله - :
كان لنا أصدقاء ، وإخوان ، أعتد بهم ، فرأيت منهم من الجفاء ، وترك شروط الصداقة ، والأخوَّة : عجائب ، فأخذت أعتب .
ثم انتبهت لنفسي ، فقلت : وما ينفع العتاب ، فإنهم إن صلحوا : فللعتاب ، لا للصفاء .
فهممت بمقاطعتهم ، ثم تفكرتُ فرأيت الناس بي معارف ، وأصدقاء في الظاهر ، وإخوة مباطنين ، فقلت : لا تصلح مقاطعتهم .
إنما ينبغي أن تنقلهم من " ديوان الأخوة " إلى " ديوان الصداقة الظاهرة " .
فإن لم يصلحوا لها : نقلتَهم إلى " جملة المعارف " ، وعاملتهم معاملة المعارف ، ومن الغلط أن تعاتبهم .
فقد قال يحيى بن معاذ : بئس الأخ أخ تحتاج أن تقول له اذكرني في دعائك .
وجمهور الناس اليوم معارف ، ويندر فيهم صديق في الظاهر ، فأما الأخوَّة والمصافاة : فذاك شيء نُسخ ، فلا يُطمع فيه .
وما رأى الإنسان تصفو له أخوَّة من النسب ، ولا ولده ، ولا زوجته .
فدع الطمع في الصفا ، وخذ عن الكل جانباً ، وعاملهم معاملة الغرباء .
وإياك أن تنخدع بمن يظهر لك الود ؛ فإنه مع الزمان يبين لك الحال فيما أظهره ، وربما أظهر لك ذلك لسبب يناله منك .
وقد قال الفضيل بن عياض : إذا أردت أن تصادق صديقاً : فأغضبه ، فإن رأيته كما ينبغي : فصادقه .
وهذا اليوم مخاطرة ؛ لأنك إذا أغضبت أحداً : صار عدواً في الحال .
والسبب في نسخ حكم الصفا : أن السلف كان همتهم الآخرة وحدها ، فصفت نياتهم في الأخوة ، والمخالطة ، فكانت دِيناً لا دنيا .
والآن : فقد استولى حب الدنيا على القلوب ، فإن رأيت متملقاً في باب الدين : فاخبُرهُ : تَقْلَهُ – أي : إن اختبرته : تبين لك منه ما يبعدك عنه - .
" صيد الخاطر " ( ص 391 ، 392 ) .

قال ابن القيم رحمه الله :

ها هنا أربعة أنواع من الحب يجب التفريق بينها وإنما ضل من ضل بعدم التمييز بينهما :

أحدهما : محبة الله ولا تكفي وحدها في النجاة من الله من عذابه والفوز بثوابه فإن المشركين وعباد الصليب واليهود وغيرهم يحبون الله .

الثاني : محبة ما يحب الله وهذه هي التي تدخله في الإسلام وتخرجه من الكفر وأحب الناس إلى الله أقومهم بهذه المحبة وأشدهم فيها .

الثالث : الحب لله وفيه وهي من لوازم محبة ما يحب الله ولا يستقيم محبة ما يحب الله إلا بالحب فيه وله .

الرابع : المحبة مع الله وهى المحبة الشركية وكل من أحب شيئا مع الله لا لله ولا من أجله ولا فيه فقد اتخذه ندا من دون الله وهذه محبة المشركين .

وبقى قسم خامس ليس مما نحن فيه وهى المحبة الطبيعية وهي ميل الإنسان إلى ما يلائم طبعه كمحبة العطشان للماء والجائع للطعام ومحبة النوم والزوجة والولد فتلك لا تذم إلا إن ألهت عن ذكر الله وشغلته عن محبته كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ) وقال تعالى : ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ) الجواب الكافي 1/134 .

وقال رحمه الله تعالى : والفرق بين الحب في الله والحب مع الله وهذا من أهم الفروق وكل أحد محتاج بل مضطر إلى الفرق بين هذا وهذا ، فالحب في الله هو من كمال الإيمان ، والحب مع الله هو عين الشرك ، والفرق بينهما أن المحب في الحب تابع لمحبة الله فإذا تمكنت محبته من قلب العبد أوجبت تلك المحبة ، أن يحب ما يحبه الله فإذا أحب ما أحبه ربه ووليه كان ذلك الحب له وفيه كما يحب رسله وأنبياءه وملائكته وأولياءه لكونه تعالى يحبهم ويبغض من يبغضهم لكونه تعالى يبغضهم ، وعلامة هذا الحب والبغض في الله أنه لا ينقلب بغضه لبغيض الله حبا لإحسانه إليه وخدمته له وقضاء حوائجه ولا ينقلب حبه لحبيب الله بغضا إذا وصل إليه من جهته من يكرهه ويؤلمه ، إما خطأ وإما عمدا مطيعا لله فيه أو متأولا أو مجتهدا أو باغيا نازعا تائبا .

ومن موقع الاسلام سؤال وجواب:
اعلم أن الظفر بأخ في الله يتصف بمشاعر النبل ، والصدق ، والأمانة ، وغيرها من الصفات الحسنة : عملة نادرة ، فلا تتعب نفسك بالبحث عن أخ يمتلك الصفات الجميلة كاملة ، فارض بما هو موجود مما يشوبه كدر ، ويعتريه نقص ، ولستَ أنت الكامل لتبحث عن مثلك ، فما منَّا إلا وفيه نقص ، وعيوب ، يستحيي أن تظهر لأحد ، فضلاً أن يطلب كمالها في غيره .
إِذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه
فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه



منقول من عدد من المواقع والمنتديات جعل الله ذلك في موازين حسناتهم